سم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على نبيه وعبده سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أيها الجمع المبارك
أيها المقاديم
أيها الأحباب
إخوة الإيمان والإحسان
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
سلام أنشره بينكم مزن غيث وروح محبة وتحية أهل الجنة يعمّ الجميع كلّ واحد باسمه ولقبه وكنيته.
في البداية أتقدم لعمومكم بأسمى آيات التقدير والامتنان وأشكر لكم وفادتكم في هذا اليوم المبارك يوم الزيارة السنوية لبلد تماسين وأدعو لكم بالحفظ والصحة وتمام العافية وأتوجه إلى الله تعالى أن يمنح كلّ واحد سؤله ومراده ويكون لكم في الظاهر والباطن خير سند ومعين للذين حضروا وتجشموا وعثاء السفر وللغائبين الذين حال دون حضورهم موانع وطوارئ، طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة مقعدا.
أيها الجمع المبارك
لا يفوتني بهاته المناسبة أن أوصيكم بالاتحاد والوحدة ونبذ الخلاف وكلّ ما من شأنه أن يؤدي للفرقة والقطيعة امتثالا لقول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ }
إننا نعيش بداية ألفية ثالثة حيث الانفتاح والعولمة وكوكبنا على شساعته يتحول تدريجبا إلى قرية صغيرة لا مكان فيها للتشردم والانقسام، وهذا ما يوافق أصالتنا وعقيدتنا وتوجيهات ديننا الحنيف:" مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى "، دين يدعو إلى التواصل والتلاحم والترابط والإخاء، وهذا ما رسخته الطريقة التجانية الراشدة في البناء الاجتماعي حين دعا شيوخها لحسن التعامل وطيب المعاشرة، فهذا جدّي الشيخ سيدي الحاج علي يقول: " ليس لي في دار الدنيا عدوّ إلا الشيطان"، وطريقتنا من أجل إبراز الصورة الصحيحة والمشرفة لسماحة الإسلام وعدالته قررت منذ اللحظة الأولى لتأسيسها فأطلقت على المنتسبين لها والمريدين "كنية الأحباب" وذلك لدعم المحبة والصفاء وهذه إشارة جليّة إلى التحام القلوب وملاطها محبة الله تعالى ورسوله الكريم ، يجب أن تتجسّد بين التجانيين المحبّة كما كانت بين سلفنا الصالح من السابقين، بعا حملوا الراية عاليا وجابوا الآفاق مشرقا ومغربا حتى غدت الطريقة لا يحجبها الغمام ولا يلفها الظلام، فالمحبّة عنواننا وديدننا وسمتنا نسير بها معا لغد أفضل وحياة أسعد في ديننا ودنيانا، ومن مقومات ذلك بثّ روح التسامح والصفح الجميل عند عثرات الإخوان وزلاتهم، وهنا أقف لأقول للمقدّمين فلتسع صدوركم للأحباب، وأحسنوا ترتيب النسيج بأيدي مهرة بررة.
وأتوجه للشباب عدتنا للمستقبل ومناط آمالنا وضمان استمراريتنا، أذكرهم بالأثر القائل: " من أراد الدنيا فعليه بالعلم ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم ومن أرادهما معا فعليه بالعلم"
أدعوكم أيها الأبناء إلى الجدية في تحصيل العلم والمعارف ورفع المستوى الثقافي، وتذكروا ثلاثية سيدي الحاج علي وهو يدعو إلى العلم والعمل والعبادة، العلم نور الحياة وعمادها وسبيل ذلك حصد الشهادات العلمية، والطريقة التجانية طريقة العلم والعلماء، ومعراج الطريقة درجاته العلم والمعرفة : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ }
كما أوصيكم بالاعتماد على النفس والثقة بالله وعدم الانزواء والخروج عن الجماعة لأن يد الله مع الجماعة، عمروا بيوت الله تعالى وارتبطوا بكتابه العزيز حفظا وقراءة، وضروري جمع الهمة والوجهة في كل الأحوال والانضباط واتباع وصايا السلف الصالح التي هي مستوحاة من كتاب الله وسنة رسوله .
وإني لأأكد هنا باعتبارنا قد ساقتنا أقدار الله إلى هذا اللقاء الرباني وهذا المَجْمَعِ الروحانيّ إلى ضرورة أن يكون الأحباب لبنات خير ومعادن كريمة لهذا الوطن العزيز المفدّى الجزائر العظيمة نخدمها ونتفانى في الإخلاص لها كل واحد حسب طاقته وموقعه وحسب ما أسند إليه من مسؤولية مقتدين في ذلك بما قام به الآباء والأجداد حين كانت لهم مساهمات كبيرة بالأمس في تحرير الوطن وتسليمه لنا أمانة غالية نسير بها قدما نحو ساحل النجاة وبرّ الأمان.
وقبل أن أكمل كلمتي أكرر مرة أخرى تأكيدي على إعطاء أهمية قصوى لتحفيظ كتاب الله تعالى للناشئة ودراسة السنة الطاهرة والعمل بها، وتعمير بيوت الله ونهل العلم ووحدة الصف والتسامح والتآخي مع جميع أطياف الأمة والمشاركة الفعالة وبحماس في كلّ ما يخصّ خدمة الوطن المفدّى.
وفقكم الله وسدّد خطاكم، هذا وأحملكم تحياتي لكافة الأحباب والحبيبات كبارا وصغارا ذكورا وإناثا، {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ } وكل عام وأنتم بخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[u]