ولدت حفصة من أبوين جليلين.. فوالدها أَمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وأمها زينب بنت مظعون.. وكانت ولادتها قبل بعثة النبي الكريم بخمس سنين..
كانت حفصة زوجة للصحابي الجليل (خنيس بن حذافة السهمي) وهاجرت معه الهجرتين، وقد شهد بدراً، وفي غزوة أُحد أصيب إصابة بالغة واُستشهد على أثرها، وترك زوجته التي لم تلد له وهي في ريعان شبابها.
لما رأى والدها (رضي الله عنه) أن ابنته قد مضى على وفاة زوجها ستة أشهر ولم يتقدم أحد لخطبتها، أراد أن يخطب لها، فعرضها على أبو بكر الصديق، ولكنّ الصديق سكت، وعرضها على عثمان بن عفان فسكت، فغضب عمر غضباً شديداً وذهب إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) يشكو له أمر صاحبيه.. فرد عليه النبي الكريم بأن حفصة ستتزوج من هو خير من أبي بكر وعثمان، ففهم عمر مقصد رسول الله (عليه الصلاة والسلام) فابتسم وخرج فرحاً.
تزوج الرسول الكريم من حفصة في السنة الثالثة للهجرة على صداق قدره 400 درهم، وكان عمرها عشرون عاماً، وقد حظيت بالشرف الرفيع وتبوأت المنزلة الكريمة بين أمهات المؤمنين، وكانت الثالثة بين زوجات الرسول الكريم بعد سودة وعائشة (رضي الله عنهن).
كانت حفصة شديدة الغيرة على رسول الله من زوجاته وخاصة عائشة (رضي الله عنها). وروي أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) طلقها تطليقة واحدة، فبلغ ذلك عمر فأخذ يحثو التراب على رأسه ويقول: "ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها" فنزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: "إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة بعمر" فراجعها الرسول الكريم.
بعد دخول أمنا حفصة بيت النبوة، عكفت على القرآن الكريم (تلاوة وتدبراً وفهماً وتأملاً) مما أثار انتباه والدها الفاروق (عمر بن الخطاب) فأوصى أن يكون المصحف الشريف الذي كُتب في عهد أبي بكر الصديق بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) عندها وديعة، فحفظتها بكل أمانة وحب، ولشدة ورعها وتقواها عُرفت بالصوامة القوامة، وروت عن الرسول الكريم عدة أحاديث.
بقيت حفصة عاكفة على العبادة، إلى أن توفيت في عهد معاوية بن أبي سفيان في شعبان سنة خمس وأربعين للهجرة، وعمرها ثلاثة وستون سنة، ودفنت في البقيع.
رضي الله عنها وعن جميع أمهات المؤمنين، وجمعنا الله بهنّ في الفردوس الأعلى إن شاء الله تعالى.