إن سارَ أهلي فالدّهر يتّبعُ, يشهد أحوالهم ويستمعُ
|
يأخذ عنهم فن البقاء فقد زادوا عليه الكثير وابتدعوا
|
وكلّما همّ أن يقول لهُم بأَنّهم مَهزومونَ ما اقتَنعوا
|
يسيرُ ان ساروا في مظاهرة في الخلفِ, فيه الفضول والجزعُ
|
يكتبُ في دفترٍ طريقتهم لعلّه في الدّروسِ يَنتفعُ
|
لو صادَفَ الجَّمعُ الجيشَ يقصدُهُ, فإِنّهُ نَحوَ الجّيشِ يندفعُ,
|
فيرجع الجُّندُ خطوَتَينِ فَقَط, ولكِنْ القَصْدُ أنّهُم رَجعوا
|
أرضٌ أُعيدت ولو لثانيةٍ, والقوم عزلٌ والجيش مُتْدرعُ
|
ويصبح الغاز فوقهم قطعاً, أو السما فوقه هي القطعُ
|
وتطلب الريح وهي نادرةٌ, ليست بماء لكنّها جُرعُ
|
ثم تراهم من تحتها انتشروا, كزئبق في الدّخان يلتمعُ
|
لكي يُضلّوا الرصاص بينهمُ, تكاد منه السقوف تنخلعُ
|
حتى تجلّت عنهم وأوجهُهُم زهرٌ, ووجه الزمان منتقعُ
|
كأن شمساً أعطت لهم عدةً أن يطلع الصبح حيث ما طلعوا
|
تعرفُ أَسماءُهُم بِأعيُنِهِم, تنكّروا باللّثامِ أو خَلًعوا
|
ودار مقلاعُ الطّفل في يده دَورة صوفيّ مسّه وَلًعُ
|
يُعلّم الدّهر أن يدور على من ظنّ أَن القويّ يمتنعُ
|
وكل طفل في كفّه حجر ملخص فيه السهل واليفعُ
|
جبالهم في الأيدي مفرقة وأمرهم في الجبال مُجتمعُ
|
يأتون من كل قرية زمراً, إلى طريق لله ترتفعُ
|
تضيق بالناس الطرق ان كثروا, وهذه بالزحام تتّسعُ
|
إذا رأوها أمامهم فرحوا ولم يبالوا بأنها وجعُ
|
يبدون للموت أنه عبثٌ, حتى لقد كاد الموت ينخدعُ
|
يقول للقوم وهو معتذر ما بيدي ما آتي وما أدعُ
|
يظل مستغفراً كذي ورع ولم يكن من صفاته الورعُ
|
لو كان للموت امره لغدت على سوانا طيوره تقعُ
|
أعداؤنا خوفهم لهم مدد, لو لم يخافوا الأقوام لانقطعوا
|
فخوفهم دينهم وديدنهم عليه من قبل يولدوا طبعوا
|
قل للعدا بعد كل معركة جنودكم بالسلاح ما صنعوا
|
لقد عرفنا الغزاة قبلكم, ونشهد الله فيكم البدعُ
|
ستون عاماً وما بكم خجلٌ, الموت فينا وفيكم الفزعُ
|
أخزاكم الله في الغزاة فما رأى الورى مثلكم ولا سمعوا
|
حين الشعوب انتقت أعاديها, لم نشهد القرعة التي اقترعوا
|
لستم بأكفائنا لنكرهكم, وفي عداء الوضيع ما يضعُ
|
لم نلق من قبلكم وإن كثروا قوماً غزاة إذا غزوا هلعوا
|
ونحن من ها هنا قد اختلفت قدماً علينا الأقوام والشيعُ
|
سيروا بها وانظروا مساجدها اعمامها او أخوالها البيعُ
|
قومي ترى الطير في منازلهم تسير بالشرعة التي شرعوا
|
لم تنبت الأرض القوم بل نبتت منهم بما شيدوا وما زرعوا
|
كأنهم من غيومها انهمروا كأنهم من كهوفها نبعوا
|
والدهر لو سار القوم يتبع يشهد أحوالهم ويستمعُ
|
يأخذ عنهم فن البقاء فقد زادوا عليه الكثير وابتدعوا
|
وكلما هم أن يقول لهم بانهم مهزومون ما اقتنعوا |