و السيد الشريف العفيف العلامة الفهامة الدراكة فريد عصره المجاهد المناضل سيدي أحميدة بن سيدي العيد بن سيدي أحمد الواعررضي الله عنهم ،الذي اختارته العناية لإلهية منذ الأزل لأن يكون الدرع الواقي والحصين في الاستماتة في الدفاع عن هذه الطريقة ،والرمح الرزين في نحور الحاسدين ،أما أمه رضي الله عنه فهي السيدة الشريفة والدرة العفيفة فاطمة تجاني رضوان الله عليها ،ولد سيدي أحميدة في سنة 1929 م ببلدة تغزوت وأمضى صباه بها وبما أنه ترعرع وسط أسرة محافظة وذات عفة وشرف وتدين وعلم وكرم فقد بدأ ومنذ نعومة أظافره في ولوج بحار طلب العلم والمعرفة وبالتأكيد فأول هذه العلوم وكعادة المؤمنين حفظ القرآن العظيم ،وبما أن وفي ذلك الزمن كانت الجزائر بأسرها تمر بمراحل صعبة والتي كان المتسبب فيها الاستعمار البغيض فإن مراحل دراسة سيدي أحميدة كذلك لم تمر بظروف عادية لكن يمكن سرد بعض المحطات المهمة والتي تكلم فيها هو بنفسه رضي الله عنه قائلا:
تتلمذت على يد سي بالقاسم غيوط وسي البشير بالتليلي في الكتاب في حفظ القرآن الكريم وذلك بتغزوت ،ثم على يد سي مسعود معو من قمار.
لقد حفظ سيدي أحميدة القرآن العظيم وعمره آنذاك لم يتجاوز الرابع عشرة ومن حينها وهو يشفع بالناس بصلاة التراويح إلى يومنا هذا، والأكثر من ذلك فلقد كان في زمن مضى يصلي التراويح مرتين في الليلة مرة في البلاد وبعدها يذهب رضي الله عنه إلى الغيطان وعلى قدميه يركض ليصلي بآخرين هناك ، ثم إنه رضي الله عنه رحل إلى تونس سنة 1947م ودرس بها لمدة أربع سنوات في جامع الزيتونة وعند استكمال الدراسة عاد إلى الجزائر ليتم أمرا مقدرا.
أما بالنسبة للوظائف التي تقلدها سيدي وأهمها أنه اشتغل مدرسا بمدرسة يشرف عليها التعاضد السوفي حوالي خمس سنوات وذلك للفترة الممتدة من 1953-1958 ثم توقف سيدي عن التدريس وذلك راجع لكثرة المداهمات للمدرسة من قبل المستعمر.
أما إذا نظرنا إلى إجازات سيدي أحميدة رضي الله عنه فهي لا تكاد تحصى ولا تعد وذلك طبعا راجع إلى استماتته في خدمة الطريقة والشيخ فهو ليس له نظير في الإخلاص والصدق بل هو بفضل من الله منبع لهما،ولقد ذكر هو بنفسه بعض هذه الإجازات فقال:
• لقد كانت أول إجازة لي من عند الشيخ سيدي أحمد رضي الله عنه وكانت بخط السيد الكامل الفاضل سي العيد بن يامة رضي الله عنه وكانت سنة 1953م وفي هذا المكان قصة.
• إجازة أيضا من عند سي بالقاسم غيوط التغزوتي ولقد أجازني بالأسانيد وبالإطلاق .
• كذلك إجازة من طرف سي البشير تواتي القواريري .
• وإجازة من سي أحمد بسام القسنطيني .
• إجازة من عند الشيخ سيدي علي رضي الله عنه .
• وإجازة من عند الشيخ سيدي عبد الجبار رضي الله عنه.
• وأخرى من عند السيد منطق طان حفيد سيدي عمر الفوتي رضي الله عنه .
والذي ذكرناه هنا من الإجازات إنما على سبيل المثال لا على سبيل الحصر فله رضي الله عنه ما لا يحصى ولا يعد .
بالنسبة لزيارته للبقاع المقدسة فقد زارها رضي الله عنه لعدة مرات والظاهر والمعروف أربع مرات وهي على التوالي :
حج رضي الله عنه مرة واحدة في حياته وكانت سنة 1966م وكان حينها برفقة الشيخ سيدي أحمد التجاني التماسيني رضي الله عنه .
ثم أعتمر سيدي ثلاث مرات وهي على الترتيب في السنوات التالية :
1973و1976و1986م .
بالنسبة لنضاله الثوري فقد كان مذهبه رضي الله عنه متأصلا فيه ورأيه من الاستعمار واضح وضوح الشمس لقد كان دوره مشهود له وهام في نفس الوقت فقد كان رضي الله عنه من المناضلين الشجعان ومن الكتومين للأسرار ،ثم إن من المهمات التي أوكلت إليه حينها مهمة جمع الأموال لتمويل الثورة في منطقة وادي سوف ،ولقد كانت تجمع هذه الأموال سرا ثم تؤخذ إلى السيد الفاضل سي العروسي بن فرج بدار له بالمغير وتخبء هناك ثم تحمل إلى القيادة .
ثم إننا لن ننسى دوره رضي الله عنه في نشر روح المحبة والتعاون والإخاء بين الأحباب ولعل أفضل دليل على ذلك تلك التنقلات التي كان يقوم بها من مكان إلى مكان من سوف بل تجاوزت حتى حدود سوف إن لم نقل حدود الجزائر بأسرها ،إن تلك الدروس التي كان رضي الله عنه يلقيها في كل مكان طاله لعبارة عن ماء معين عذب فرات ،لقد قام سيدي بدوره على أكمل وجه وجاهد في الله حق الجهاد وخدم إلى غاية اليوم ثلاث خلفاء والكل راض عنه أتم الرضى والكل يشهد له بالصدق والإخلاص ،ولعل أهم وصية كان يوصي بها رضي الله عنه هو التوجه إلى الشيخ ومحبة الشيخ وخدمة الشيخ رضي الله عنه .
ثم إنه رضي الله عنه لم يخفي مجهودا في تجسيد وصايا الخليفة الشيخ سيدي العيد التماسيني رضي الله عنه وكان أمر الخليفة طاعة بالنسبة إليه بل طاعة عمياء جعلت الكثير من رجال الطريقة يتحير في أمره فهو لا يتباطأ أبدا في القيام بأمر الشيخ مهما كان.
إذن فلسان حال الحبيب السوفي يقول مخاطبا للطرف الآخر : هذا معلمي يا من تجهــــــــــــــل ،هذا سيدي إن كنت لا تعلـــــــــــــــــم ،أعلم أن معلمي بحر بالعلم متلاطـــــــــــم،وأنه صدف ذو علم مطلســــــــــم،كذا وأنه سنة تمثلت معلمي بحالـــــــــــــه وأنه صورة محمدية فليسلم ،علم معلمي بفعله ومقالــــــــــــــه،و ربى الأرواح فتخللها الفهـــــــــــــم، أتعب وأعجز معلمي الرجال الجلد ،وما ذلك إلا لأنه جبل وللجبل الثبات والرسوخ وقدم الصدق ،خدم معلمي الحضرة فهو المثــال و القدوة فنعم الخديـــــــــــــــــم سيدي أنت ،ونعم المعلم والمربي وما لسان حالي يقول إلا سائر معلمي أنا على الــــــــدرب ومن الله سيدي عليك الســـــــــــلام .
وفي الأخير ليس لي أن أقول إلا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.[center][i][b]